وسألتك: لم تعرف، إذاً، كيف تحب؟ فأدهشني قولكَ: ما الحبُّ؟ كأنني لم أحب إلا عندما كان يخيل لي أنني أحب .. كأن تخطفني من نافذة قطار تلويحةُ يد، ربما لم تكن مرسلة إليّ، فأولتها وقبّلتُها عن بعد .. وكأن أرى على مدخل دار السينما فتاةً تنتظر أحداً، فأتخيل أني ذاك الأحد، وأختار مقعدي إلى جوارها، وأراني وأراها على الشاشة في مشهد عاطفيّ، لا يعنيني أن أفرح أو أحزن من نهاية الفيلم .. فأنا أبحث في ما بعد النهاية عنها، ولا أجدها إلى جواري منذ أنزلت الستارة، وسألتك: هل كنت تمثِّل يا صاحبي؟ قلتَ لي: كنتُ أخترعُ الحب عند الضرورة، حين أسير وحيداً على ضفة النهر، أو كلما ارتفعت نسبة الملح في جسدي كنت أخترع النهر. - محمود درويش
وأَنا المُسَافِرُ داخلي ، وأَنا المُحَاصَرُ بالثنائياتِ ، لكنَّ الحياة جديرَةٌ بغموضها وبطائرِ الدوريِّ ، لم أُولَد لأَعرفَ أَنني سأموتُ ، بل لأُحبَّ محتوياتِ ظلِّ اللهِ ، يأخُذُني الجمالُ إلى الجميلِ ، وأُحبُّ حُبَّك ، هكذا متحرراً من ذاتِهِ وصفاتِهِ. - محمود درويش
فرحاً بشيء ما خفيِّ ، كنت أمشي حالماً بقصيدة زرقاء من سطرين ، من سطرين .. ! عن فرح خفيف الوزن ، مرئيّ وسريّ معاً مَن لا يحب الآن ، في هذا الصباح ، فلن يحب. - محمود درويش
هو اللا شيء يأخذنا إلى لا شيء , حدَّقنا إلى اللاشيء بحثاً عن معانيه .. فجرَّدنا من اللاشيء شيءٌ يشبه اللاشيءَ , فاشتقنا إلى عبثية اللاشيء فهو أخفّ من شيء يُشَيِّئنا... يحبُّ العبدُ طاغيةً لأن مَهابة اللاشيء في صنم تُؤَلِّهُهُ , ويكرهُهُ إذا سقطت مهابته على شيء يراهُ العبد مرئيّاً وعاديّاً , فَيَهْوَى العبدُ طاغيةً سواهُ .. يطلُّ من لا شيءَ آخرَ , هكذا يتناسل اللاشيء من لا شيء آخرَ , ما هو اللاشيء هذا السيِّدُ المتجدِّدُ , المتعدِّدُ , المتجبرّ, المتكبرِّ, اللزجُ المُهَرِّجُ .. ما هو اللاشيء هذا ربُمَّا هو وعكةٌ رُوحيَّةٌ أو طاقةٌ مكبوتةٌ أو , ربما هو ساخرٌ متمرِّسٌ في وصف حالتنا. - محمود درويش
ورأيت الشهداء واقفين، كلٌ على نجمته، سعداء بما قدّموا للموتى الأحياء من أمل، ورأيتَ رأيت رأيت بلاداً يلبسها الشهداء ويرتفعون بها ، أعلى منها وحياً وحياً، ويعودون بها خضراءَ وزرقاء ، وقاسيةً في تربية سلالتهم: موتوا لأعيش! ، فلا يعتذرون ولا ينسون وصاياهم لسلاتهم: أنتم غَدُنا، فاحيَوا كي نحيا فيكم! ، وأَحِبُّوا زهر الرُمّان، وزهر الليمون، وصُبُّوا خمرتنا في عيد الحب! فلم نجد الوقت لنشربها معكم، عفواً! لم نجد الوقت ، فلا تنْسَوا أنتم أن تجدوا الوقت لتحتفلوا بالحب، وتنتقموا بالحب لنا ولكم. - محمود درويش
لأني أحبكِ، خاصرتي نازفه وأركض من وجعي في ليالٍ يوسِّعها الخوف مما أخاف، تعالي كثيراً، وغيبي قليلاً ، تعالي قليلاً، وغيبي كثيراً ، تعالي تعالي ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفه. - محمود درويش
يا اسمي: أين نحن الآن؟ قل: ما الآن، ما الغدُ؟ ما الزمانُ وما المكانُ وما القديمُ وما الجديدُ؟ سنكون يوماً ما نريدُ. - محمود درويش
المدن رائحة: عكا رائحة اليود البحري والبهارات , حيفا رائحة الصنوبر والشراشف المجعلكة , موسكو رائحة الفودكا على الثلج , القاهرة رائحة المانجو والزنجبيل , بيروت رائحة الشمس والبحر والدخان والليمون , باريس رائحة الخبز الطازج والأجبان ومشتقات الفتنة , دمشق رائحة الياسمين والفواكة المجففة , تونس رائحة مسك الليل والملح , الرباط رائحة الحناء والبخور والعسل , وكل مدينة لا تُعرفُ من رائحتها لا يُعوَّل على ذكراها , وللمنافي رائحة مشتركة هي رائحة الحنين إلى ما عداها , رائحة تتذكر رائحة أخرى , رائحة متقطعة الأنفاس، عاطفيّة تقودك كخارطة سياحية كثيرة الاستعمال إلى رائحة المكان الأول , الرائحة ذاكرةٌ وغروب شمس , والغروب هنا توبيخ الجمال للغريب. - محمود درويش
الحصارُ هو الانتظار , هو الانتظارُ على سُلَّمٍ مائلٍ وَسَطَ العاصفة .. لنا اخوةٌ خلف هذا المدى , اخوةٌ طيّبون , يُحبُّوننا , ينظرون إلينا ويبكون , ثم يقولون في سرِّهم: ليت هذا الحصارَ هنا علنيٌّ ولا يكملون العبارةَ: لا تتركونا وحيدين، لا تتركونا ,خسائرُنا: من شهيدين حتى ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ وعَشْرَةُ جرحى وعشرون بيتاً وخمسون زيتونةً , بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصة. - محمود درويش
سألته: لماذا لا أتذكر ، هل تظن أني مريض ؟ قال: يحدث ذلك مع مرضى من نوع آخر ، مرض الحنين الى النسيان. - محمود درويش
ذاكرتي رُمّانة , هل أفرطها عليك حبة حبة , وأنثرها عليك لؤلؤا أحمر يليق بوداع لا يطلب مني شيئا غير النسيان. - محمود درويش
فالقهوة هي القراءةُ العلنية لكتاب النفس المفتوح , والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار. - محمود درويش
ولم نزل نحيا كأنَّ الموتَ يُخطئنا. - محمود درويش
الجميلات هُنَّ القويّاتُ يأسٌ يضيءُ ولا يحترق. - محمود درويش
إن شئت أن أنسى تذكرت , امتلأت بحاضري , وأخترت يوم ولادتي لأرتب النسيان. - محمود درويش
وأبي قال مرة: الذي ماله وطن ماله في الثرى ضريح ونهاني عن السفر. - محمود درويش
ابتعد لأراك ، وحيدا هناك ، تفكّرُ بي حين أنساك. - محمود درويش
هي: هل عرفتَ الحب يوماً ؟ هو: عندما يأتي الشتاء يمسُّني شغفٌ بشيء غائب، أضفي عليه الاسمَ، أي اسمٍ، أَنسى , هي: ماالذي تنساه؟ قُل! هو: رعشة الحُمَّى، وما أهذي به تحت الشراشف حين أشهق: دَثِّريني دثِّريني! هي: ليس حُباً ما تقول هو: ليس حباً ما أَقول هي: هل شعرتَ برغبة في أن تعيش الموت في حضن إمرأة؟ هو: كلما اكتمل الغيابُ حضرتُ وانكسر البعيد، فعانق الموتُ الحياةَ وعانَقَتهُ كعاشقين هي: ثم ماذا؟ هو: ثم ماذا؟ هي: واتحَّدت بها، فلم تعرف يديها من يديك وأنتما تتبخران كغيمةٍ زرقاءَ لا تَتَبيَّنان أأنتما جسدان أم طيفان أم؟ هو: من هي الأنثى - مجازُ الأرض فينا؟ مّن هو الذَّكرُ - السماء؟ هي: هكذا ابتدأ أغاني الحبّ , أنت إذن عرفتَ الحب يوماً! هو: كلما اكتمل الحضورُ ودُجِّن المجهول غبتُ هي: إنه فصل الشتاء، ورُبَّما أصبحتُ ماضيكَ المفضل في الشتاء هو: ربما فإلى اللقاء هي: ربما فإلى اللقاء. - محمود درويش
واجعليني بريقا صغيرا بعينيك حين ينام اللهب. - محمود درويش
هي وحدها، وأَنا أمامَ جَمالها وحدي , لماذا لا توحّدُنا الهَشاشةُ ؟ - محمود درويش