138 مقولة عن الحديث مع السفهاء :

وبعد انقضاء عدة ساعات وهما يتجاذبان أطراف الحديث ، سألته قائلة : هل أنت مدخن ؟ فأجاب : نعم ، فقالت له : اذن أنت جبان ومنافق ! تلقي بنفسك كالجثة الهامدة في منتصف الطريق ، لا أنت تقدر على الرجوع من حيث أتيت ولا على المضي قدماً نحو القمة ، تختار أنصاف الحلول ولا تستطيع أن تكون حازماً في اتخاذ أبسط القرارات لأتفه المسائل المتعلقة في حياتك ، فقال لها متعجباً : وماذا علي أن أفعل ؟ فقالت له : عليك أن لا تقف مكتوف اليدين في منتصف أي شيء ، إن بدأت السير في طريق فامشي به حتى نهايته ، كن صاحب الموقف وسيّده ، كن أنت الداعم الأقوى لما تؤمن به وحرّض الناس على الإيمان بأفكارك ومبادئك أيّاً كانت ، لا تحرق هذه السجائر اللعينة في فمك بلا جدوى بل اشرب حتى الثمالة او عد نقياً صافياً من حيث بدأت ، لا تجعل الناس يحتارون في أمرك ، بل امنحهم الفرصة الكافيه لتصنيفك ، وكن مقتنعاً بصورتك الحقيقية التي سيقدموها لك على طبق من ذهب ، نعم ! الحقيقية ، لأنك ستصبح أوضح من الوضوح ذاته في أعينهم ، فقال لها - وقد بدا مترنحاً - ما قاله نزار قباني لحبيبته : تعيشين بي كالعطر يحيا بوردةٍ .. وكالخمر في جوف الخوابي لها فعلُ. - مثل الحسبان

     

نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ .. كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ , فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس .. وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس , قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال .. رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال! , فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل .. ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل , وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام .. فأرى العجلَ فأهداهُ السلام , قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ .. أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير , حملَ الذئبَ على قتلي الحسد .. فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد , فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع .. وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع! , فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث .. ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث , قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات .. أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟ , فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير .. ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر , ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود .. مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود , فأَقاموا لمعاليكم سرِير .. عن يمين الملكِ السامي الخطير , واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك .. في انتظار السيدِ العالي هناك , فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ وانتَهى .. الأُنسُ إليكم والسرورْ , برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان .. واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان , وكفاكم أنني العبدُ المطيع .. أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع , فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال .. أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال! , فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق .. أنا لا يشقى لديه بي رفيق , فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه .. ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه , وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير .. وحبا الثعلبَ منه باليسير , فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ .. وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ , سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير .. فقداه كلُّ ذي رأسٍ كبير. - أحمد شوقي

     
مواضيع متعلقة ذات صلة
حالات واتس اب