استفاقت ولا أحد . رجل عبرها كقطار سريع ، دهس أحلامها وواصل طريقه بسرعة الطائرات ، فالوقت هو أغلى ما يملك . لا وقت له ليرى ما خلّفه مروره العاصف بحياتها من دمار . أشجار الأحلام المقتلعة ، أعمدة الكهرباء التي قطع الإعصار أنوارًا أضاءت حياتها ، سقف قلبها المتطاير قرميده ، ونومها في عراء الذكريات . احلام مستغانمي (مقتطفات من كتاب الأسود يليق بكِ)
إنّها بحاجة إلى أن تروي لأحد ما حلّ بها . لكنّنا لا نعرف كيف نروي الحلم عندما نستيقظ منه . لا شيء فيه يشبه ما نعيشه عادة . (الأسود يليق بكِ) - أحلام مستغانمي
قرأَت يومًا أنّ راحة القلب في العمل، وأنّ السعادة هي أن تكون مشغولاً، إلى حدّ لا تنتبه معه أنّك تعيس. فهجمت على العمل طمعًا في نسيانه. الأسود يليق بك - احلام مستغانمي
عندما يفترق اثنان لا يكون آخر شجار بينهما هو سبب الفراق . الحقيقة يكتشفانها لاحقًا بين الحطام ، فالزلزال لا يدمّر إلاّ القلوب المتصدّعة الجدران والآيلة للانهيار . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
بعد أشهر من البكاء ، اكتشفت أنها وحدها كانت تسقي بدموعها الغبيّة تلك الشجرة . وأنها خسرت غابة على أمل إنقاذ شجرة .. شجرة ربّما لم تنبت سوى في قلبها . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
كانت سعادة فائقة الإشتعال ،لايمكن إطالة عمرها ، كل ما استطاعته إيقاد المزيد من النار ، لإطالة عمر الرماد من بعده(الأسود يليق بكِ) - أحلام مستغانمي
كلّ تذكرة سفر هي ورقة يانصيب ، تشتريها ولا تدري ماذا باعك القدر . رقم الرحلة.. رقم البوّابة.. رقم مقعدك.. تاريخ سفرك.. ما هي إلّا أرقامٌ تلعب فيها المصادفة بأقدارك ، يمكن لرحلة لم تحسب لها حسابًا أن تُغيّر حياتك أو تودي بها، أن تفتح لك الأبواب أو توصدها، أن تعود منها غانمًا أو مفلسًا ، عاشقًا أو مُفارقًا . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
الآن وقد خبر كلّ شيء، يحتاج إلى إعادة إعمار روحه ممّا حلّ بها من خراب. حتى الكلمات تتطلّب منه إعادة نظر: الوطن ، الشهيد ، القتيل ، الضحيّة. الجيش ، الحقيقة. الإرهاب ، الإسلام ، الجهاد ، الثورة ، الكفّار: أتعبته اللغة... أثقلته... يريد هواءً نظيفًا لا لغة فيه... لا فصاحة... لا مزايدات... كلمات عاديّة، لا تنتهي بفتحةٍ أو ضمّةٍ أو كسرةٍ.. بل بسكون ... يريد الصمت. (الأسود يليق بك) - احلام مستغانمي
في الحبّ ، كلّ هبة مكيدة ، وكلّ شهقة فرح ، هي مشروع تنهيدة، وكلّ رقم هاتفي يحمل من المكر بعدد أرقامه . تلك الأرقام التي تأبى يدك أن تطلبها.. وترفض ذاكرتك أن تنساها . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
يوم كان العشّاق يموتون عشقًا ، ما كان للحبّ من عيد . اليوم أَوجد التجّار عيدًا لتسويق الأوهام العاطفيّة ، غير معنيّين بأنّهم بابتداع عيد للحبّ يُذكّرون غير العشاق بخساراتهم ، ويقاصصونهم بفرح الآخرين . إنّه في الواقع أكثر الأعياد تجنّيًا !(الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
السعادة ليست في ماتملك.. لكن الشقاء في ما لا تملك. غالباً ليس بإمكان ما تملكه أن يصنع سعادتك.. بينما ما تفتقده هو الذي يصنع تعاستك . الأسود يليق بك - احلام مستغانمي
كان يعتقد أنّه يمتلك ثقافة البهجة ، بينما تملك هي ثقافة الحزن ، ولا أمل في انصهار النار بالماء . فكيف انقلبت الأدوار ، وإذ بها هي من يشتعل فرحًا ، بينما شيء منه ينطفئ ، وهو يتفرّج عليها تغنّي ؟ ربما كان يفضّل لو خانته مع رجل ، على أن تخونه مع النجاح . النجاح يجمّلها ، يرفعها ، بينما اعتقد أنه حين ألقى بها إلى البحر مربوطة إلى صخرة لامبالاته ، ستغرق لا محالة . - احلام مستغانمي (مقتطفات من كتاب الاسود يليق بك)
نحن نملك دموعنا لا دموع من أحبّونا .. أمّا هي فلا تملك حتّى دموعها . ما يمنعها ليس خوفها من الإخفاق في بروفا البكاء ، بل ما أورثوها من كبرياء في مواجهة الدموع . - (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
كنقرة على نافذة الذاكرة، جاء ذكره. شيء من الأسى عبرها. حنين صباحي لزمن تدري الآن أنه لن يعود. لعلّها الذكريات تطوّق سريرها، وحين ستستيقظ تمامًا، ستنسى أن تفكّر في ذلك الرجل الذي أصبح إذًا لامرأة أخرى! امرأة تحمل اسمه، ستحبل منه في ساعة من ساعات الليل أو النهار. امرأة لا تعرفها ستسرق منها ولدين أو ثلاثة، لكنّها لن تأخذأكثر. لن يمنحها ضحكته تلك. الزواج سيغتال بهجته وروحه المرحة.. وفي هذا خُبث عزائها. (الأسود يليق بك ) - احلام مستغانمي
في تلك المرّة الوحيدة التي جلسا فيها في حديقة عامّة، أصيبت بالذعر حين مرّ بهما أحد المختلّين وهو يتشاجر مع نفسه، ويشتم المارّة ويهدّدهم بحجارة في يده. ظاهرة شاعت بسبب فقدان البعض صوابهم وتشرّد الكثيرين إثر الحرب الأهليّة... وما حلّ بالناس من غُبن وأهوال. ما زالت تضحك لتعليق مصطفى يومها وهو يطمئنها: ـ لا تخافي، نحن هنا في عصمة المجانين... لو داهمتنا الشرطة سأتظاهر بالجنون وأضربك فينصرفوا عنّا... إنّهم لا يتدخّلون إلاّ إذا قبّلتك! (مقتطفات من رواية الاسود يليق بك) - احلام مستغانمي
لاهثًا بين القارات والاجتماعات. هل لاحظتِ أن الكلب المشرّد الذي لا سيّد له، يتبعك ويظل يمشي خلفك حتّى تتبنّيه؟ أمّا الكلب الذي يخرج في نزهة مع سيّده، فهو يركض أمامه حتّى ليصعب على سيّده اللحاق به. إنّ الذين ترينهم في الأمام لاهثين دومًاخلف الأشياء، ليسوا السادة بل الكلاب. السادة لا يلهثون خلف شيء بل تأتيهم الأشياء لاهثة. لكن الكلب، وهو يركض سعيدا أمام سيّده، يعتقد أنه سيد، إنه لا ينتبه أنّ من ينتظره حبلٌ سيعيده إلى بيت الطاعة يظل كلبًا! ( الأسود يليق بك ) - احلام مستغانمي
كان يحتاج إلى أن يكون له موعد مع الحبّ كي يحيا ، كي يبقى قيد اشتهائه للحياة . قيد الشباب . الوقت بين موعدين أهمّ من الموعد . والحبّ أهمّ من الحبيب نفسه . وهو لكلّ هذه الأسباب جاهز لحبّها.. أو على الأصحّ جاهز لها . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
يبقى الأصعب ، أن تعرف ما هو الأغلى بالنسبة إليك . وأن تتوقّع أن تُغيّر الأشياء مع العمر ثمنها.. هبوطًا أو صعودًا . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
تدريجيًّا ، ما عاد لها من رغبة في البحث عن تفسير لصمته . لا أحد يبحث عن مبرّر لصمت الموتى . الموتى يموتون ولهذا يصمتون . وهو في كلّ يوم لا يهاتفها فيه يموت أكثر . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي
قضت أيامًا مذهولة ممّا حلّ بها . ترى من دون أن تنظر ، تسمع من دون أن تصغي . تسافر من دون أن تغادر . تعيش بين الناس ، من دون أن يتنبّه أحد أنها ، في الحقيقة ، نزيلة العناية الفائقة ، وأنّ نسخة مزوّرة منها هي التي تعيش بينهم . نسخة يسهل اكتشافها ، فلا شيء مما يسعد الناس يسعدها ، ولا خبر ممّا يحدث في العالم يعنيها ، وكلّ حديث أيّا كان موضوعه يبكيها لأن كلّ المواضيع حتمًا ستفضي إلى ذلك الرجل الذي دمّرها ومضى . (الأسود يليق بكِ) - احلام مستغانمي